باسم الله الواحد الذي نعبده جميعا
أبناء وبنات الوطن الأحباء
هذا شرف لي اليوم أن أتحدث أمام هذا الجمع الكريم من
بنات وابناء هذا الوطن الغالي وهم يشاركون في إحياء ذكرى يوم الطريق الى القدس
العالمي أنه اليوم الذي يلتئم فيه شمل المؤمنين بالله على هذا النحو الجليل الذي
تحقق اليوم من خلال هذه المسيرة العالمية للتنادي إلى استرداد حقوق مسلوبة ومهضومة
واستعادة مقدسات مغتصبة فهو ليوم فريد يحق
لكل المؤمنين أن يهنأ به نفساً ويقر عيناً ولو بشكل موقوت انتظاراً لليوم المأمول
الذي أرجوا أن لا يكون بعيدا حين تعود الينا فلسطين محررة كاملة وفي مقدمتها القدس
الشريف.
الأخوات والأخوة ما ينطلق من هذه المسيرة العالمية هو
إرساء الثوابت التالية ألا وهي إنه لا توجد سلطة في العالم، في أية مؤسسة من
مؤسساته وخاصة المؤسسة التي عودتنا ظلمها ولم نر حتى الآن شيئا من وجوه العدل فيها
ومنها، وهي منظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها التنفيذية مجلس الأمن، تملك أن تقول
الكلمة النهائية في القدس. ليس من سلطة في عالمنا المسيحي أو الإسلامي كله، وفي
عالمنا العربي كله، حق التشريع بأن تخرج القدس عن هويتها العربية، فتجعلها يهودية
صهيونية واسرائيلية. هذه نقطة أساسية كما لا توجد أي سلطة سياسية تستطيع أن تنزع
عن القدس صفتها الثابتة لها فتهودها وتنزع عنها صفتها العربية.
ايها الأخوة ولأخوات الأفاضل ما احوجنا اليوم ونحن
المسلمون والمسيحيون نعيش معركة نضال مشترك ضد العدوان الصهيوني الغادر على القدس
ومقدساتها وعلى فلسطين واهلها وعلى المسيحية وكنيستها وعلى المسلمين والاسلام
والقرآن الكريم ما احوجنا إلى ان نقوي
جبهتنا ونعتصم جميعا بحبل الله المتين لنكون صفا واحدا في الدفاع عن حقوق امتنا
وأوطاننا وكما هو مسجل في التاريخ وكما هو الواقع فلنا من تاريخنا العريق ومن
اتحادنا وتعاوننا مسيحيين
ومسلمين في خدمة امتنا وعروبتنا ما يحتم علينا الآن أن
نحافظ على عرى الأخوة والتعاون لإنقاذ أمتنا العربية مما ورطها به الاستعمار
والصهيونية. فتاريخنا حافل بهذا التعاون والتآخي فالمسيحيون العرب هللوا للمسلمين
العرب عندما جاءت طلائعهم إلى القدس وقدموا مفاتيح المدينة ومفتاح مقدساتها
للخليفة العادل عمر الفاروق عربون ولاء وتعاون ومحبة، فصان المسلمون هذه العهود
ورعوها، وصلى الخليفة عمر خارج كنيسة القيامة، لئلا يطالب المؤمنون بعده بأن
يجعلوا المكان الذي صلى فيه مسجدا لهم.
ولو عدت إلى التاريخ استقصي الشواهد على مثل هذا التعاون
لطال بنا المقام، إنما حسبي الآن أن نتخذ من ذلك التعاون القديم دافعا لتعاون أخوي
دائم، لكي تظل فلسطين كما كانت عربية إلى الأبد، ولكي يظل علم امتنا العربية يخفق
في القدس، التي كانت ولا تزال وستبقى إلى الأبد عربية ولكني أجد نفسي مطرا
للاقتباس من مقالة تم نشرها بتاريخ 25 كانون الأول من عام 1973 للمطران جورج خضر بعنوان ميلاد
القدس يبدئ الاقتباس " قلب فلسطين القدس لأنه من هناك تخرج المعاني والى هناك
تعود القدس تراث الصلاة بلا ريب ولكنها صارت ايضا رمز رجائنا الحالي لأنها والدة
من مسحهم نضالهم فأمسوا شركاء الفدية الكبرى وهم في حنين غلى طمأنينة المدينة
ورضائها كأنهم ، إذا عادوا اليها، تهبط علهم وعلينا بركات من السماء. بهذا الرجوع
الكبير ستتحقق القدسية الحق لان القدس هي في اطلالتها على المستقبل الطالع من
الاصرار الفلسطيني. وتنشئها ايام حريتها القارعة على الأبواب. القدس شعب القدس هذا
الذي نزح او ولد في الخيام هذا له القول الفصل في مصير المدينة.
والمدينة قائمة في مصيرها الفلسطيني، انها من الجسم
كالرأس ولا يستطيع ديبلوماسيون ان يقوموا بعملية جراحية في الرأس خشية موت الجسد
كله. لا تبديل في الرؤوس. لا تنشأ الأمم على الخرائط وعواصمها لا تقرر حول موائد
متواجهة. لقد مارس شعب فلسطين القدس عاصمة له وتسلمها حياة له، نموذج وجود فان انت
طرحتها عنه تطرحه هو من اللاوجود. ان كل رؤية لعلاقة الجسم والرأس غير هذه تكون
رؤية مصنوعة، تدوم دوام الورق الذي كتبت عليه، واما ما يبقى فهذا الذي عاشه شعب
عظيم مدة الفي سنة بلا انقطاع. ما يبقى في ضمير
الإنسان هو فلسطينية القدس. ونقصد بفلسطينية القدس
تعايشا مثالة ان يصل الى المودة بين عرب ويهود من دون تفريق بن دين ودين أو بين
طائفة وطائفة وبين لغة ولغة، ناسا يتوكأ بعضهم على مناسكهم ولكنهم جميعا ناظرون
اولا الى مستقبل بلدهم متوثبا للمساهمة في حضارة الانسان المعاصر. " انتهى
الاقتباس
أخواتي وأخوتي
إن اليهودي التقي يستطيع ان يفهم اننا لا نحج الى البيت
بل الى رب البيت كما تقول رابعة نحن نذهب الى الله في مناسك العباد. وعندها نلقى
المتطهرين من كل صوب. ونقصد اولئك الذين يلازمون هذه الارض والمصلي اهم من المصلى
. ونحن كان يطيب لنا في الفصح ان نرى نور الرب مرتسما على وجوه هذه الالوف المؤلفة
التي اسلمت لهذا النور ولذلك مردودة على اليهود حجتهم اذا قالوا انهم هم يؤمنون
المرور الى كنيسة القيامة والمسجد الاقصى ليس هذا همنا. همنا ان نقف معا امام الله
مع ابناء الديانتين التين تسعى اسرائيل لإقصاء اتباعهما عن الارض.
في الختام
أنني من هذا المكان وفي هذا الموقف التاريخي واليوم
العالمي في ذكرى الطريق إلى القدس وفي جميع أنحاء العالم لأحيي موقفكم الشجاع في
تأييد الحق العربي في فلسطين والقدس كما أشعر بالغبطة أن نتفق جميعا ومعنا شعوبنا
على الدعوة والعمل لجعل القدس عاصمة الدولة العربية الفلسطينية المرتقبة ومدينة
السلام المفتوحة للعبادة لكل الديانات السماوية وجعل مدينة السلام رمزا للسلام
وموئلا لكل الدعاة اليه بصدق واخلاص في كل أنحاء العالم.